أكادير تستعد لاحتضان المؤتمر الدولي حول التحديات التي تواجه الثقافة الأمازيغية في ظل العولمة والتغيرات الجيوسياسية

الأمازيغية والجيوثقافي: بين الامتداد الإفريقي والتأثير المتوسطي

427
  • أحمد بيضي
تحتضن مدينة أكادير، في شهر يوليوز 2025، الدورة 19 للمؤتمر العلمي الدولي ضمن فعاليات الجامعة الصيفية، التي تستعد لتنظيمها هذه السنة تحت عنوان “الأمازيغية والجيوثقافي: بين الامتداد الإفريقي والتأثير المتوسطي”، ويهدف هذا المؤتمر، وفق أرضيته، إلى دراسة وتحليل موقع الأمازيغية في سياق الامتداد الجغرافي والثقافي الذي يربط شمال إفريقيا بإفريقيا جنوب الصحراء وبالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال مقاربات علمية متعددة التخصصات تسلط الضوء على مختلف أوجه التفاعل التاريخي والحضاري للأمازيغية مع المحيط الإفريقي والمتوسطي، ومدى تأثير المتغيرات الجيوسياسية الراهنة في مستقبلها.
تشكل الأمازيغية إحدى أقدم اللغات والثقافات في شمال إفريقيا، حيث لعبت دورا مركزيا في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة وفي التفاعل الحضاري عبر العصور، فمنذ العصور القديمة، حسب الأرضية، كانت الأمازيغية حاضرة في مختلف الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، بدءً من الفراعنة والقرطاجيين والرومان، مرورا بالعصر الوسيط حيث كان للأمازيغ دور بارز في الحركات السياسية والدينية والفكرية، وصولًا إلى الحقبة الحديثة التي عرفت تحولات كبرى على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية. فقد شكل الأمازيغ حلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا، وبين الشرق والغرب، بفضل موقعهم الجغرافي الاستراتيجي وتفاعلهم مع مختلف التأثيرات الوافدة إلى المنطقة.
يطرح المؤتمر مجموعة من التساؤلات العلمية حول طبيعة الامتداد الجيوثقافي للأمازيغية، ومدى مساهمتها في بناء الهوية الثقافية للمغرب وشمال إفريقيا، وتأثيرها المتبادل مع المكونات الحضارية الأخرى، كما يتناول بالدراسة دور السياسات اللغوية والثقافية في تحديد موقع الأمازيغية ضمن المشهدين الإفريقي والمتوسطي، وما إذا كانت هذه السياسات قد ساهمت في تعزيز حضور الأمازيغية أو تهميشها. إضافة إلى ذلك، يبحث المؤتمر في التحديات الراهنة التي تواجه الثقافة الأمازيغية، خاصة في ظل العولمة وتغير التوازنات الجيوسياسية، ومدى قدرتها على مواكبة التحولات الجارية وتعزيز مكانتها مستقبلاً.
يناقش المؤتمر عدة محاور رئيسية، منها دراسة الامتداد الإفريقي للأمازيغية من خلال التفاعل السياسي والاقتصادي والثقافي بين الأمازيغ وعمقهم الإفريقي، واستكشاف أثرهم في الحركات الفكرية والروحية والسياسية عبر القارة. كما يهتم المؤتمر بالبعد المتوسطي للأمازيغية، عبر تحليل الامتدادات الثقافية للأمازيغ في حوض البحر الأبيض المتوسط، والتأثيرات المتبادلة بينهم وبين الشعوب المتوسطية في مجالات اللغة والفنون والمعمار والأدب، علاوة على ذلك، يتناول المؤتمر دور الإعلام والتكنولوجيا الحديثة في تعزيز أو تقييد انتشار الأمازيغية، ومدى تأثير حركات الهجرة على تشكيل الهوية الأمازيغية في الشتات.
من الأهداف الأساسية لهذا المؤتمر تعزيز البحث العلمي حول الأمازيغية في علاقتها مع محيطها الإفريقي والمتوسطي، من خلال تقديم دراسات أكاديمية متعددة التخصصات تشمل التاريخ، اللغويات، الأنثروبولوجيا، الاجتماع، والفنون. كما يسعى المؤتمر إلى تقديم مقترحات عملية للحفاظ على التراث الأمازيغي وتطويره، وتعزيز حضوره في المشهد الثقافي المحلي والدولي، إلى جانب إرساء سياسات ثقافية ولغوية تهدف إلى تعزيز مكانة الأمازيغية في المغرب وشمال إفريقيا. ومن بين الأهداف الأخرى، خلق فضاء للحوار بين الباحثين وصناع القرار والفاعلين الثقافيين، من أجل وضع تصورات استراتيجية لمستقبل الأمازيغية في ظل التحولات الجيوثقافية الراهنة.
ينتظر أن يشارك في المؤتمر باحثون وأكاديميون من مختلف التخصصات، إلى جانب صناع القرار والفاعلين الثقافيين وممثلي المجتمع المدني والطلبة المهتمين بقضايا الهوية واللغة والثقافة، كما سيوفر المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف الفاعلين في المجال الثقافي والأكاديمي، بهدف تطوير مقاربات علمية واستراتيجيات عملية لدعم الأمازيغية في مختلف تجلياتها، ويعد هذا المؤتمر فرصة علمية مهمة لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالأمازيغية، سواء من حيث الامتداد الجغرافي والثقافي، أو من حيث تأثيرها على الهويات المحلية والمتوسطية، كما يمثل مناسبة لتعزيز البحث العلمي حول الأمازيغية.
فيما يتعلق بالمخرجات المتوقعة بالنسبة للدورة 19 للمؤتمر العلمي الدولي ضمن فعاليات الجامعة الصيفية حول “الأمازيغية والجيوثقافي، سيتم إصدار توصيات علمية وسياسية تهدف إلى تعزيز وضعية الأمازيغية في الفضاءين الإفريقي والمتوسطي، كما يسعى هذا المؤتمر العلمي الدولي إلى دعم الشراكات الأكاديمية والثقافية بين المؤسسات البحثية، وتشجيع التعاون بين الفاعلين الثقافيين لتعزيز حضور الأمازيغية وتطوير مكانتها الجيوثقافية، كما ستتكفل الجامعة بنشر أعمال المؤتمر العلمي الدولي، لضمان انتشار الأبحاث والمخرجات العلمية التي ستتمخض عن هذه الدورة.
تحدد الجامعة الصيفية بأكادير مجموعة من التواريخ المهمة المتعلقة بالمؤتمر، حيث سيكون آخر موعد لاستقبال ملخصات ومشاريع الأوراق البحثية هو 15 أبريل 2025، على أن يتم الرد على الملخصات المقبولة بحلول 20 أبريل 2025، أما آخر موعد لتقديم الأوراق البحثية الكاملة، فهو 25 يونيو 2025، حيث ينبغي أن تتراوح عدد كلمات البحث بين 3000 و4000 كلمة، مع احترام المعايير العلمية، وترسل الملخصات والأوراق البحثية على البريد الإلكتروني [email protected] وستتكفل الجامعة الصيفية بأكادير بمصاريف التغذية والإيواء للمشاركين الذين تم قبول أوراقهم البحثية.
وتتألف اللجنة العلمية للمؤتمر من مجموعة من الأكاديميين والخبراء في مختلف التخصصات، أحمد صابر (عميد سابق للدراسات الإسبانية والطوبونيميا والترجمة بجامعة ابن زهر بأكادير)، يوسف بوكبوط (متخصص في علوم الآثار بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط)، عبد الله هرهار (أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة)، بهيجة الشادلي (أستاذة التاريخ والدراسات المغربية الإفريقية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء)، رشيد الحاحي (أستاذ الجماليات والفنون بالجامعة الدولية بمراكش).
إلى جانب باقي أعضاء اللجنة العلمية للمؤتمر، عبد الحكيم أبو اللوز (أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن زهر بأكادير)، محمد أوبيهي (أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط)، محمد حنداين (متخصص في التاريخ والمجال بمركز الدراسات الأمازيغية البيئية والتاريخية بأكادير)، هاشم الجرموني (أستاذ الأدب والدراسات الأمازيغية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس)، لحسن ناشف (متخصص في التعليم والتربية بالجامعة الصيفية بأكادير)، محمد بليليض (أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بالجامعة الصيفية بأكادير).
error: