
توقيع كتاب “سؤال السيميائيات المناضلة عند سعيد بنكراد” للدكتور ادريس جبري
توفيق أنخالي
شهد رواق المركز الثقافي للكتاب بالمعرض الدولي للكتاب في دورته الثلاثين بالرباط، يوم السبت الماضي، حفل توقيع كتاب “سؤال السيميائيات المناضلة عند سعيد بنكراد” للدكتور إدريس جبري. وقد حضر الحفل عدد من طلبة مسار التميز في الصحافة والإعلام (إجازة وماستر)، حيث أتاح لهم اللقاء فرصة للتعرف على أعمال الكاتب سعيد بنكراد، والاطلاع على أحدث الإصدارات في مجال الصحافة والإعلام.
يُذكر أن الدكتور إدريس جبري أستاذ باحث ورئيس شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، كما يشغل منصب رئيس فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بنفس المدينة، بالإضافة إلى كونه منسقًا لمسار التميز في الصحافة والإعلام. وله إسهامات عديدة في إثراء المكتبة المغربية بأعماله الفكرية والأكاديمية.
يتناول الكتاب، الذي جرى توقيعه في هذا الحفل، إسهامات سعيد بنكراد الفكرية من منظور نقدي يربط بين السيميائيات والمعنى والالتزام. ويقدم جبري قراءة تجاوز الطرح التقني للسيميائيات، لتعيد ربطها بأبعادها الإنسانية والنضالية، حيث يرى فيها أداة لفهم الواقع وتحليله ومساءلة رموزه وآلياته، بدل اقتصارها على تحليل البنى والعلامات بمعزل عن قضايا المجتمع.
من خلال هذا العمل، يطرح جبري مفهوم “السيميائيات المناضلة” التي لا تقتصر على تفكيك النصوص والرموز، بل تنخرط في نقد الخطابات المهيمنة وتحدي الثوابت الثقافية والمعرفية. وبالاعتماد على تجربة بنكراد، يبرز الكاتب كيف تحولت السيميائيات في أعماله إلى أداة مقاومة فكرية تبحث في الذاكرة الجمعية، وتفكك الأوهام، وتواجه الأسطورة، وتناقش الإنسان في سياقه التاريخي والهوياتي.
كما يشير الكتاب إلى أن بنكراد لم يكن مجرد باحث أكاديمي منعزل داخل أروقة الجامعة، بل كان مفكرًا مسكونًا بهاجس التغيير، مستخدمًا السيميائيات كمنهج مفتوح على أسئلة الوجود والهوية. ويُعد هذا الإصدار إضافة نوعية إلى الحقل السيميائي المغربي والعربي، حيث يدمج بين التحليل الأكاديمي والعمق الفكري، داعيًا إلى جعل السيميائيات علمًا منخرطًا في الواقع وقادرًا على مواكبة التحولات المجتمعية.
يقدم الكتاب أيضًا فرصة للتأمل في دور المعرفة ومسؤولية الباحث تجاه قضايا المجتمع، خاصة في ظل الحاجة الملحة للعلوم الإنسانية إلى تجاوز التنظير المجرد والانخراط في هموم الإنسان. كما يمثل هذا العمل تكريمًا لسعيد بنكراد ليس فقط بوصفه عالم سيميائيات، بل أيضًا كفاعل ثقافي ملتزم، ويفتح آفاقًا جديدة للباحثين لاستثمار السيميائيات في مقاربات نقدية تتفاعل مع الواقع بوعي ومسؤولية.