أمي حذرت من نسياني

3

لا تطلب نسيان أحبة راحوا.. في كل ثانية يشتعل الحنين ويؤكد استحالة تحقيق الطلب!!!

1 ــ أمي غَنَّت للأمل
كل ليلة
أتحسس وجودي
أطمئن لأنفاسي المتعبة
تقفز صورتها لشاشة شوقي
أراها تتحرك بصعوبة
تجهل أوان الرحيل
تلك أمي قبل موتها
تلقي عليَّ تحية الصباح
أرجوها البقاء
كي نكمل حديثا بدأناه
وحنينا ناقشناه
وسفرا أجّلناه
لكنها تعتذر ببراءة
يهزمها الداء
تتركني وحيد انتظارات
أبكي الفراق المحتوم
تلك أمي التي ماتت
بكت قبل الغياب
وقالت
لن أعيش للأبد
فاحفظوا لي اسما
أودعته سر انتصاري
ليس خوفا من موت طغى
بل من رهبة
عبثت بدمعةٍ
خبأت في البيت
حكايات طائر حر
ظل وفيا لرائحة أمي
وصفاء العشق الصادق
وبعدها
وهبت للخرافة
أعدادا أهدت العشيرة
عنوان صدفة
احتفظت بنفس الرقم
منقوشا بإزميل الوفاء
على شاهدتين
ترشدان لِقَبْرَيْ أب وأم
اتفقا على عنوان الرحيل
رغم بُعدِ الفراق

2 ــ سيف الفقدان
وقديما قيل لي
سيف الفقدان جارح
يضرب ولا يبالي
إن لم يقتلك
تعش أبد الدهر
سجين حزن كبير
مهموما
تغرق في كهف الحنين
توقظك أبجديات ما راح
وتلك الدمعة
تهدي الصمت ما لا ينقال
من تاريخ يدعو تنهيدة
وثَّقتْ لأقوالٍ
خانتها حواس الفناء
ليلة إعلان الوداع الأخير
وقت السقوط في هاويةٍ
نصبت للجوارح
فخاخا كرَّسَت الألم
حين استعصى النسيان
وافتقدنا حبيبا
خان عهد البقاء
مع أحبة أهدوا العاشق
أوهاما وشظايا ادعاءات
كسرت الخاطر الملسوع
بشهقة ندمٍ
امتطت مركب الموت
في بحر الوداع

3 ــ جرح النسيان
وقبل شهقة سهو فادح
ابتعت النسيان
توهمت زوال الجرح
من ذاكرة أعياها الفقدان
وانصاعت لرائحة
جذبتني لقعر ظلمة
غمرت بئر شَوقٍ
لا خلاص منه
لعاشق أدمن الوداع
عند هاوية
ارتوت من أحزان
هزمتها تفاصيل عش
حكت آمالا حُبْلى بآلام
غَنَّتْ غصات فراق
شتتها الزمان
فوق رؤوس أيتام
هاجمها يُتْمُ وَقتٍ
احتمى ببياض أكفانٍ
اغتال أحلاما
رَمت بِأحيائه
لِخواءٍ مكلوم
ذكَّرنا بوصايا النسيان

الكاتب : حسن برما

error: