
نورالدين ثلاج
سلط الدكتور الشرقي نصراوي الضوء على دور الفاعل السميوطيقي في تحليل الحطاب الروائي، في ثنايا كتابه الجديد ” سيميوطيقا الخطاب الروائي: دراسات تطبيقية“، باعتبار السرد في الرواية سردا للأحداث، وتجسيدا لأنساق متعددة تشمل الفكر، الفلسفة، الفن، والشعر، لتتداخل فيما بينها مانحة للرواية عمقًا أكبر وتساعد في بناء المعنى، من خلال مقاربة سيميوطيقية تكشف عن كيفية تفاعل هذه المكونات لتشكيل المعنى الكلي للعمل الأدبي.
وأشار أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات خريبكة جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال، في مقدمة الكتاب الصادر عن “دار أبي رقراق للطباعة والنشر” إلى أنه لا يوجد معنى في الرواية إلا من خلال “المسمى” الذي يتم تسميته أو تمثيله، لأن كل عنصر في النص الروائي، سواء كان شخصية أو حدثًا أو مكانًا، يحمل معانٍ متعددة يتم اكتشافها عبر التحليل السيميائي، الذي يعمق الفهم للكشف عن المعاني المخفية التي لا تظهر للوهلة الأولى.
وأبرز الكتاب أيضًا كيفية تفاعل المكونات الروائية مثل الشخصيات والأحداث مع بعضها البعض لتفسير الموضوع الرئيسي للرواية، إذ تعتبر الرواية الإبداعية، وفقًا لهذا التحليل، شبكة من العلاقات التي تساهم في تشكيل المعنى، حيث تتداخل المكونات الروائية لتكون كلًّا متكاملاً يعكس رؤية المؤلف، على اعتبار أن التحليل السيميائي يساعد أيضًا في كشف بنية التواصل بين الشخصيات من خلال المحادثات والحوارات التي تطرحها، ويسهم هذا التواصل في إبراز المعاني المرتبطة بالعلاقات بين الشخصيات والمواضيع المعالجة.
من جهة أخرى، يتناول الكتاب كيف أن التحليل السيميائي يساعد في الانتقال من السرد إلى الشخصية إلى الصورة، حيث تتفاعل كل هذه العناصر معًا لتشكل المعنى وتخلق صورة ذهنية للقارئ. وهذا يشير إلى أن الشخصيات لا تُعرَف فقط من خلال ما يقال عنها، بل من خلال التصورات التي يخلقها القارئ من خلال الصور الذهنية الناتجة عن النص.
في الختام، يؤكد أستاذ السيميائيات والتأويليات على أهمية الأنظمة السيميائية المختلفة التي تتفاعل فيما بينها لتخلق معًا “الوحدة الدنيا” التي ينبثق منها المعنى الكامل للعمل الأدبي، إذ تشكل هذه الأنظمة، بدءًا من السرد إلى الصور والشخصيات، الأداة الأساسية لفهم وتفسير الرسائل الكبرى والصغرى التي يتضمنها النص.